Tuesday, October 22, 2019

هل تجعلنا الأديان أصدقاءً للبيئة أم أعداءً لها؟

ثمانية من بين كل 10 أشخاص حول العالم يعتبرون أنفسهم متدينين. هذا الرقم يثبت أنه في الوقت الذي لم يعد فيه الدين مهيمنا كما كان في السابق في الكثير من البلدان إلا أنه مازال يمتلك تأثير هائلا علينا.

ماذا يعني هذا الأمر بالنسبة للحركة الداعية للحفاظ على البيئة؟ وهل الإيمان بالله أو قوة خارقة ما وراء الطبيعة يمكن أن يجعل الناس أكثر عناية، بدرجة أو بأخرى، بالحيوانات والبيئة؟

من السهل إيراد قصص تقدم إجابات عن هذا السؤال، فقد تقول مثلا إن العديد من الأفكار الدينية تتحدث عن نهاية العالم وبالتالي تشجع مقولة "دعوها تحترق"،وإن القائلين بذلك لا يعنيهم كثيرا احتراق الغابات ما دامت القيامة قريبة.

وفي الوقت نفسه تجد من يقول إن العديد من الأديان تتحدث عن العطف بل إن بعضها مثل "الجاينية"(ديانة هندية قديمة) تُحرم قتل الحيوانات، وبالتالي فإنها تحض أتباعها على العناية بالبيئة.

فلنبدأ بالمسيحية. في عام 1967 كتب المؤرخ لين وايت في دورية "ساينس" يتهم المسيحية بالتقليل من شأن الحفاظ على الحياة البرية بدفاعها عن ضرورة سيطرة الأخلاق على الطبيعة.

و يرى وايت أن المسيحية تعلم أتباعها "أن إرادة الرب هي التي تجعل الإنسان يستغل الطبيعة لأغراضه" لأن الكتاب المقدس يتحدت عن "السيطرة" على الطبيعة.

وقال مؤرخون ورجال دين آخرون إن وايت أساء تفسير الكتاب المقدس، الذي ينص في الواقع على أنه من واجبنا الحفاظ على البيئة. ولو شئنا الدقة، فأن وايت لم يقدم أي دليل عن مواقف أو سلوك المسيحيين الحقيقيين.

وفي عام 2013 درس باحثون العلاقة بين الدين السائد في بلد ما وعدد مناطق التنوع البيئي فيه، وتوصلوا إلى أن البلدان المسيحية، والكاثوليكية على وجه الخصوص، تضم عددا أكبر من مناطق التنوع البيئي من الدول الأخرى.

ولكن ذلك لا يعني أن وايت كان مخطئا كليا، فثمة دراسات أخرى تشير إلى أن المسيحيين المحافظين أقل صداقة للبيئة من الطوائف الأخرى.

ففي دراسة نشرت عام 1993 وقام بها القس وعالم الاجتماع أندرو غيرلي حول مدى استعداد الأمريكيين للإنفاق على الحفاظ على البيئة، توصل إلى أن الأصوليين المسيحيين أقل استعدادا للإنفاق للحفاظ على البيئة ولكن الكاثوليكيين منهم أكثر استعدادا لذلك. وبالتالي فإن هذه الدراسة تسلط الضوء ليس على مسيحية الفرد بل على نوعية العقيدة المسيحية التي يعتنقها التي تؤثر على سلوكه تجاه الطبيعة.

كما يبدو أيضا أن مواقف الناس نحو البيئة قد تتأثر أيضا بطريقة تفاعل المسيحية مع الأديان الأخرى.

ففي أطروحة دكتوراه قدمتها إيما شيفرد ويلين لجامعة كينت البريطانية، درست ويلين مشاعر الكينيين نحو المواقع المقدسة لديهم، وهي الأماكن ذات الأهمية الروحية والبيولوجية والتي خلقتها وحافظت عليها المجتمعات المرتبطة بأديان تقليدية (أرواحية).

وقد توصلت الباحثة إلى أن "بعض المسيحيين الذين التقتهم يشعرون بضرورة تدمير هذه الغابات المرتبطة بالأديان التقليدية القديمة التي يعتبرونها شرا".

وقال أحد من التقتهم "الدين التقليدي سحر شرير"، وقال آخرون إن المواقع المقدسة هي أماكن مرتبطة بالشياطين والخرافات.

ويشير ذلك إلى أن الصراع بين الأديان المتعارضة قد يؤثر على شعور الناس تجاه المناطق المحمية. وأن ابتعاد الناس عن تلك الأديان التقليدية، على وجه الخصوص، قد يكون ضارا بالطبيعة.

وفي دراسة نشرت عام 2006 ذكرت ليلا هازاه من منظمة Lion Guardians البيئية إن أفراد شعب الماساي (كينيا وتنزانيا) الذي تحول من الديانة التقليدية إلى المسيحية الإنجيلية يميلون أكثر من غيرهم من أصحاب الديانات التقليدية إلى قتل الأسود.

وقالت هازاه: "إن هؤلاء المتحولين إلى البروتستانتية ليس لديهم توجه إيجابي نحو الحفاظ على الحياة البرية والمحميات الطبيعية والمتنزهات الوطنية".

ولأن الماساي لا يتعرضون كثيرا للتليفزيون ووسائل الإعلام الأخرى فإنهم ينظرون للقسس كمصدر للمعلومات عن العالم، فإذا لم يحك القس قصصا إيجابية خلال القداس عن الطبيعة فإن مرتادي الكنيسة لن تكون لديهم أية خلفية إرشادية تعلمهم كيفية الحفاظ على البيئة.

كما أن الكنائس الإنجيلية تقيم مناسبات دينية قد يصل طول بعضها لأسبوع، مما يعني عدم وجود من يحمي الثروة الحيوانية طوال هذه المدة حيث يحرص الماساي على الحضورفي مثل هذه المناسبات.

وفي إحدى المرات فقد اثنان من الماساي 35 بقرة، وعندما سألتهما هازاه لماذا تركوا أبقارهما طوال هذه المدة قال أحدهما: "لست في حاجة للعودة للبيت عندما أكون في بيت الرب الذي سيحمي أبقاري من الخطر".

No comments:

Post a Comment